سورة الحجر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا} أي: سأخلق بشرًا {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}.
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} عَدَّلْتُ صورته، وأتممت خلقه، {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} فصار بشرًا حيًا، والروح جسم لطيف يحيا به الإنسان، وأضافه إلى نفسه تشريفًا {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} سجود تحية لا سجود عبادة.
{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} الذين أمروا بالسجود {كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}.
فإن قيل: لِمَ قال: {كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} وقد حصل المقصود بقوله فسجد الملائكة؟
قلنا: زعم الخليل وسيبويه أنه ذكر ذلك تأكيدا.
وذكر المبرِّد: أن قوله: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} كان من المحتمل أنه سجد بعضهم فذكر {كلهم} ليزول هذا الإشكال، ثم كان يحتمل أنهم سجدوا في أوقات مختلفة فزال ذلك الإشكال بقوله: {أجمعون}.
وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه: إن الله عز وجل قال لجماعة من الملائكة: اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فأرسل الله عليهم نارًا فأحرقتهم، ثم قال لجماعة أخرى: اسجدوا لآدم فسجدوا.


{قَالَ لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} أراد: أنا أفضل منه لأنه طينيّ، وأنا ناريّ، والنار تأكل الطين.
{قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا} أي: من الجنة {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} طريد.
{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} قيل: إن أهل السموات يلعنون إبليس كما يلعنه أهل الأرض، فهو ملعون في السماء والأرض.
{قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أراد الخبيث أن لا يموت.
{قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} أي: الوقت الذي يموت فيه الخلائق، وهو النفخة الأولى.
ويقال: إن مدة موت إبليس أربعون سنة وهي ما بين النفختين.
ويقال: لم تكن إجابة الله تعالى إياه في الإمهال إكراما له، بل كانت زيادة في بلائه وشقائه.
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} أضللتني. وقيل: خيَّبتَني من رحمتك {لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ} حُبَّ الدنيا ومعاصيك {وَلأغْوِيَنَّهُمْ} أي: لأضلنَّهم، {أَجْمَعِينَ}.
{إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} المؤمنين الذين أخلصوا لك الطاعة والتوحيد، ومن فتح اللام، أي: مَنْ أخلصته بتوحيدك واصطفيته.


{قَالَ} الله تعالى: {هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} قال الحسن: معناه صراط إلي مستقيم.
وقال مجاهد: الحق يرجع إلى الله تعالى، وعليه طريقه، ولا يعوج عليه شيء.
وقال الأخفش: يعني: عليَّ الدلالة على الصراط المستقيم.
قال الكسائي: هذا على التهديد والوعيد كما يقول الرجل لمن يخاصمه: طريقك عليَّ، أي: لا تفلت مني، كما قال عز وجل: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر- 14].
وقيل: معناه على استقامته بالبيان والبرهان والتوفيق والهداية.
وقرأ ابن سيرين، وقتادة، ويعقوب: عَلِيٌّ، من العُلُوّ أي: رفيع، وعبَّر بعضهم عنه: رفيع أن يُنال، مستقيم أن يُمال.
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} أي: قوة.
قال أهل المعاني: يعني على قلوبهم.
وسُئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية فقال: معناه ليس لك عليهم سلطان تلقيهم في ذنب يضيق عنه عفوي، وهؤلاء ثنية الله الذين هداهم واجتباهم. {إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}.
{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} يعني موعد إبليس ومن تبعه.
{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} أطباق.
قال علي رضي الله عنه: تدرون كيف أبواب النار؟ هكذا، ووضع شعبة إحدى يديه على الأخرى أي: سبعة أبواب بعضها فوق بعض وإن الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران بعضها فوق بعض.
قال ابن جريج: النار سبع دَرَكاتٍ: أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية.
{لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} أي: لكل دركةٍ قَومٌ يسكنونها.
وقال الضحاك: في الدركة الأولى أهل التوحيد الذين أدخلوا النار، يعذَّبون بقدر ذنوبهم ثم يخرجون، وفي الثانية النصارى، وفي الثالثة اليهود، وفي الرابعة الصابئون، وفي الخامسة المجوس، وفي السادسة أهل الشرك، وفي السابعة المنافقون، فذلك قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء- 145].
وروي عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لجهنَّم سبعة أبواب باب منها لمن سلَّ السيف على أمتي أو قال على أمة محمد».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8